الكون المفهوم العلمي والتعريف الفلكي
الكون : ربما ظننت أنك في الليلة الصافية تستطيع أن ترى ملايين وملايين النجوم، ولكنك إذا ما عمدت إلى عدها ، تبين لك أنك لا تستطيع أن ترى سوى ما يقرب من ثلاثة آلاف نجم فقط.
وعلى آية حال ، يمكن أن يكون تقديرك الأصلي صائباً لو أنك استخدمت ولو منظاراً فلكياً مكبراً من الحجم المتوسط.
والكون هو اللفظ المستخدم للدلالة على كافة النجوم الموجودة ، وعلى جملة الفضاء الممتد بين تلك النجوم ، بالإضافة إلى أي شيء يقدر له الوجود فيما وراء حدود ما نراه.
هناك العديد من الفلكيين الذين يعتقدون أن أكثر الأجرام بعداً عنا إنما تتحرك متباعدة عنا بسرعات فائقة إلى درجة أنها تحول دون إمكانات إبصارنا إياها.
وعندما كان الناس يظنون أن الأرض هي مركز الكون ، كان المعتقد أن النجوم مجرد مصابيح أو فوانيس سماوية موضوعة في قبة السماء من أجل أن تنير وتزين الأرض ، وتعجب من فيها وتذهلهم .
وعلى التدريج استطاع العلماء من أمثال كبرنيق و جاليلو و نيوتن إقناع الناس أن الأرض ليست هي مركز الكون ، ولكنها مجرد جزء صغير جداً منه لا أهمية له من الناحية المادية .
استطاع الإنسان أن يتعمق ببصره عبر أبعاد متزايدة من الفضاء باستخدام المناظير الفلكية المكبرة التي استعملت لأول مرة في الأرصاد الفلكية بواسطة جاليلو ، وكانت النتيجة التعرف على تركيب الكون المرئي بصورة عامة.
الكون والنجوم
تبلغ المسافات التي بين النجوم من الكبر حداً يجعلنا عندما نعبر عنها بالأميال ، نظل نردد لفظ ملايين ملايين الملايين بحيث سريعاً ما يختلط علينا الأمر .
وبدلاً من الأميال ، تقاس المسافات في علم الفلك عادةً بالسنين الضوئية .
والسنة الضوئية هي المسافة التي يقطعها الضوء في سنة واحدة من سنين الأرض ، علماً بأن الضوء يقطع في الثانية الواحدة مسافة قدرها نحو 186000 ميل أو 300000 كيلو متر تقريباً.
بحيث تتمخض السنة الضوئية عن رقم خيالي من الأميال __ هو في الحقيقة حوالي 6 ملايين ملايين ميل ، أو حوالي 10 ملايين ملايين كيلو متر.
ومن الممكن باستخدام المناظير الفلكية المكبرة الحديثة ، التعرف على نجوم تقع على بعد آلاف ملايين السنين الضوئية .
بطبيعة الحال الشمس هي اقرب النجوم الى الأرض ، ورغم ذلك فإن ضوءها يستغرق 8.5 دقائق ليصل منها إلينا .
وخارج مجموعتنا الشمسية يسمى اقرب النجوم إلينا باسم قنطوروس ، وهو على بعد 4.5 سنة ضوئية منا .
شاهد هذه المقالة : المذنبات وبداية ظهورها وبنيتها وسرعتها
مواضع النجوم
وإذا ما افترضنا أننا نستطيع السفر بسرعة الضوء واقلعنا وعمرنا عسر سنوات ، فلن نستطيع الوصول الى ذلك النجم الجميل المسمى الدبران قبل أن نبلغ الثامنة والسبعين من العمر .
وبعض النجوم التي يمكن أن تراها بعينك المجردة تقع على بعد عدة آلاف من السنين الضوئية ، وعلى ذلك ، وبصرف النظر عن مدى السرعة التي قد تنطلق بها ، فإنك لن تستطيع الوصول إليها في حياتك .
من الأهمية بمكان أن نقدّر ما تعنيه تلك الأزمنة وتلك المسافات بالنسبة الى مواقع النجوم .
فنحن نعلم أن مواضع النجوم تتغير طوال الوقت ، وأن النجوم تتحرك بالنسبة لبعضها بعضاً ، ولكن كيف نستطيع الحكم على مكان أي نجم ؟
هل عن طريق النظر إليه ؟ الجواب كلا ، لأن ضوؤه الذي نراه إنما استغرق زمناً طويلاً لكي يصل إلينا ، وخلال ذلك الوقت تحرك النجم وتغير موضعه .
ولذلك فمن اللازم أن نحسب السرعة التي يتحرك بها ومن ثم نعود بموضع النجم الى مكانه الحقيقي .
وعلى ذلك يتبين لنا أن لكل نجم موضعين هما :
- الموضع الذي نراه فيه .
- ثم الموضع الذي يشغله حقيقة .
فعندما ننظر الى أكثر النجوم بعداً عنا في الفضاء ، نراها على الحالة التي كانت عليها خلال آماد سبقت بكثير تكوين الأرض .
وليس من العسير أن نتخيل صورة مبسطة للكون .
فأصغر ما في الكون من أشياء هي تلك التي نسميها الشهب ، و النيازك والمذنبات والقمر ، ثم الكواكب السيارة ( مثل الرض والزهرة ) .
وهذه الأشياء تلف وتدور حول نجم مركزي ( مثل الشمس في حالتنا ) .
وليس من اللازم أن تتبع كل نجم كواكب سيارة ، ولكن لما كانت الكواكب لا تشع الضوء ذاتياً ، فإنه من الصعوبة بمكان الجزم بوجود كواكب تتبع النجوم البعيدة الضاربة في أعماق الفضاء .
وتكوّن النجوم مع بعضها بعضاَ مجموعات كبرى تسمى المجرات ، بينما تدخل كل المجرات معاً في بناء الكون .
شاهد هذه المقالة : الشهب والنيازك وصفاتها وتعريفها
الكون وأنواع متباينة من النجوم
يمكن أن تقسم النجوم الى أنواع مختلفة ، تبعاً للونها ودرجة حرارتها اللذين بدورهما كثيراً ما يتبعان أحجام النجوم .
فالشمس عبارة عن نجم أصغر ( وهو أكثر أنواع النجوم شيوعاً ) .
وتبلغ درجة حرارة هذا الخليط من النجوم المتوسطة الحجم نحو 6000 درجة سنتيجراد .
وثمة فصيلة أخرى من النجوم هي فصيلة النجوم الحمراء ، درجة حرارتها أقل نحو 3000 درجة سنتيجراد .
وغالباً ما تكون عظيمة الحجم ، ومن ثم يطبق عليها اسم ” العمالقة الحمراء ” .
وفي الطرف الآخر من مقياس النجوم تأتي النجوم الزرقاء ، التي تميل الى أن تكون أصغر قدراً في الحجم وأكثر ارتفاعاً في الحرارة ( نحو 15000 درجة سنتيجراد أو أكثر ) .
وكل النجوم تفصل بينها مسافات كبيرة جداً ، حتى إنه قد يمضي زمن مثل 500 مليون سنة قبل أن يصطدم نجم بنجم آخر .
ولكنها مع ذلك كلها تكون جزءاً من مجرتنا ، التي بدورها ما هي إلا واحدة من بين مجرات الكون العديدة .
وتبين الصورة التالية شكل المجرة وكيف أننا نقع على وجه التقريب على بعد 30 ألف سنة ضوئية من المركز .
ومن السهل أن نرى كيف تزدداد كثافة النجوم داخل المجرة بازديدا القرب من مركزها ، وكيف أن هذه الوحدة في جملتها هي أشبه شيء بالقرص الذي فيه تقع الأرض تجاه حافته الخارجية .
شاهد هذه المقالة : كوكب المريخ حجمه والدراسات حوله
المجرات
والآن تصور أن عليك أن تنظر عبر المجرة نحو الجانب الأكثر بعداً .
عندئذ سوف ترى عدداً كبيراً من النجوم سوى القريبة أو البعيدة وذلك في حزمة سعتها مثل سمك المجرة . بمعنى آخر ، ترى مقطعها مستعرضاً في القرص .
والآن ، أخرج في الليلة الصافية التالية وحاول أن تنظر نحو جانب المجرة البعيد .
عندئذ سوف ترى الطريق اللبني ( أصل كلمة جالكسي أو مجرة هو اللفظ الإغريقي جالا بمعنى لبن ) .
وأول من وصف حزمة الضوء العريضة التي تعرف باسم الطريق اللبني هو ديموقريطوس ( وهو نفس الإغريقي القديم الذي كان أول من صاغ النظرية الذرية ) .
وقد اقترح وذهب الى أن الطريق اللبني إنما يتكون من عدد وفير منال نجوم بحيث لا يمكن لأحد أن يميز بينها .
ولقد أثبتت المناظير الفلكية الحديثة صحة ما ذهب إليه .
وتلف المجرة كلها وتدور حول نفسها بعدل قدره 140 ميلاً في الثانية ، وتستغرق ما يقرب من 230 مليون سنة لكي تتم دورة كاملة .
ولسوف يصيبك الدوار إذا أقدمت على التفكير في كل الاتجاهات المختلفة التي تدور فيها وتلف في وقت واحد .
وفي هذا العصر يستطيع المرء باستخدام المناظير الفلكية القوية أن ينفذ ببصره من مجرتنا ليرى المجرات الأخرى .
ولتلك المجرات مناظرها الرائعة ، فلبعضها يشبه العجلات الكبرى ( كاثرين ) بينما يشبه بعضها الآخر المغازل الجميلة .
ومن بين الحقائق الهامة جداً المتعلقة بهذه المجرات أنها كلما ازداد بعدها عنا كلما تراءى لنا أنها منطلقة بسرعات أكبر .
وفي الواقع نجد أن المجرات الأكثر بعداً عنا إنما تتحرك بسرعات تبلغ من الكبر الحد الذي يصل بها الى سرعة الضوء ، بحيث لا نستطيع أن نراها قط .
وتشكل تلك المجرات حدود ما يسمى ( الكون المرئي ) .
الكون والعلم
وقد دفع ذلك بعض المدارس الفلكية ( ومن بينها الأستاذ ريل ) الى فرض أن المجرات ما زالت تبتعد بسرعة عن نقطة مركزية تحت تأثير قوى انفجار حدث أول الأمر .
ويعارض هذا الرأي فريق آخر من علماء الفلك ( من بينهم الأستاذ هويل ) ويعتبرون الكون في حالة خلق ثابتة .
وأن هناك على الدوام مادة جديدة تظهر باستمرار في عالم الوجود ، وتعرف هذه النظرية باسم نظرية الخلق المستمر .
ويمكن البرهنة بطرق مختلفة على أن عمر الكون في جملته لا يمكن أن يكون أقل من 10 آلاف مليون سنة ، بينما يعتقد فريق كبير من مشاهير علماء الفلك أن عمر الكون لا يمكن أن يزيد على ذلك بكثير ؛ ولا يبدو هذا العمر بالشيء الكبير جداً عندما تفكر في المسافات والأرقام التي يتضمنها ، وحقيقة أن كثيراً من الصخور التي تستطيع أن تلتقطها في اسكتلندا مثلاً يرجع عمرها الى ما يقرب من 3000 مليون سنة .
شاهد هذه المقالة : معلومات عن القمر الحجم الدوران الجاذبية البعد
المصدر
الكون
جميع حقوق الملكية الفكرية والنشر محفوظة لموقع غدق www.ghadk.com
يمنع منعاً باتاً نقل أو نسخ هذا المحتوى تحت طائلة المسائلة القانونية والفكرية
يمكنكم دعم الموقع عن طريق الاشتراك في صفحة الفيس بوك Facebook وحساب الانستغرام Instagram وحساب تويتر Twitter
للتواصل والاستفسار والدعم التواصل على البريد التالي : ghadak.site@gmail.com
شكرا لكم مقالة جيدة وواسعة واستفدت منها كثيرا
نورت الموقع عزيزي
Valuable and useful information, thanks and appreciation to you
you are welcome
استمتعت كثيرا بقراءة هذه المقاله الجميلة شكرا لكم
نتمنى لكم قراءة مفيدة وممتعة