
نازك الملائكة سيرتها وانجازاتها مؤلفاتها
ولدت العراقية البغدادية نازك صادق الملائكة في بغداد يوم 23 أغسطس عام 1923 في أسرة تحتفي بالثقافة والشعر. والدتها سليمة عبد الرزاق الملائكة الملقبة بِـأم نزار الملائكة كانت تنشر المقالات في الصحف والمجلات العراقية،وقد أصدرت مجموعتها الأولى ( انشودة المجد) عام 1965.
أما والدها صادق الملائكة فترك مؤلفات أهمها موسوعة (دائرة معارف الناس) في عشرين مجلدا. وزوجها عبد الهادي محبوبة، أكاديمي عراقي وأول رئيس لجامعة البصرة في الفترة من 1964 إلى 1968.
عاصرت نازك كبار شعراء العراق، ولقد ساعدتها البيئة التي عاشتها للتردد على حلقات الندوات الأدبية والنهل منها، ولم تكتب الشعر إلا حينما توفي الشاعر جميل صدقي الزهاوي، ونظمت أول قصيدة فيه وكان عمرها سبعاً وعشرين عاما.
تعليم ونشأة نازك الملائكة
درست الشاعرة الراحلة اللغة العربية في دار المعلمين، وتخرجت منها عام 1944.
كما درست الموسيقى بمعهد الفنون الجميلة. كانت تجيد من اللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية واللاتينية بالإضافة إلى اللغة العربية.
حصلت على شهادة الليسانس باللغة العربية من كلية التربية في بغداد، ونالت الماجستير في الأدب المقارن من جامعة وسكونس أميركا. مثّلت العراق في مؤتمر الأدباء العرب المنعقد في بغداد عام 1965.
والملائكة لقب أطلقه على عائلة الشاعرة بعض الجيران بسبب الهدوء الذي يسود البيت، ثم انتشر اللقب وشاع وحملته الأجيال التالية.
عملت الملائكة بالتدريس في كلية التربية ببغداد ثم في جامعة البصرة ثم بجامعة الكويت.
تعد نازك من أبرز رواد الشعر العربي الحديث الذين تمردوا على الشعر العمودي التقليدي وجددوا في شكل القصيدة حين كتبوا شعر التفعيلة متخلين عن القافية لأول مرة في تاريخ الشعر العربي.
تعتبر نازك الملائكة شاعرة العراق الأولى في القرن العشرين وربما يمكن اعتبارها ايضاً أهم الشاعرات العربيات نظراً لتميز وجمال أعمالها الشعرية ونزعتها التجديدية.
منشورات نازك الملائكة
نشرت الشاعرة قصيدتها الشهيرة ( الكوليرا ) عام 1947، فسجلت اسمها في مقدمة مجددي الشعر مع الشاعر العراقي الراحل بدر شاكر السياب [1] (1926- 1964) الذي نشر في العام نفسه قصيدته (هل كان حبا؟).
واعتبر النقاد هاتين القصيدتين بداية ما عُرف فيما بعد بالشعر الحر. وسجلت نازك الملائكة في كتابها (قضايا الشعر الحديث) أن بداية حركة الشعر الحر كانت سنة 1947 في العراق. ومن العراق، بل من بغداد نفسها، زحفت هذه الحركة وامتدت حتى غمرت الوطن العربي كله.

أول قصيدة حرة الوزن
نشرت الملائكة قصيدة (الكوليرا) في عام 1947م، وقد نظمت القصيدة التي تصور بها مشاعرها نحو مصر الشقيقة خلال فترة انتشار وباء الكوليرافيها. وقد حاولت من خلال القصيدة التعبير عن وقع أرجل الخيل التي تجر عربات الموتى من ضحايا الوباء في ريف مصر. وقد ساقتها ضرورة التعبير الى اكتشاف الشعر الحر.
صدر ديوانها الاول (عاشقة الليل) عام 1947 ببغداد، ثم توالت دواوينها التالية ومنها (شظايا ورماد) عام 1949 و(قرارة الموجة) عام 1957 و(شجرة القمر) عام 1968 و (يغير ألوانه البحر) عام 1970.
كما صدرت لها عام 1997 بالقاهرة مجموعة قصصية عنوانها (الشمس التي وراء القمة)، ومن بين دراساتها الادبية (قضايا الشعر الحديث) عام 1962، و(سايكولوجية الشعر) عام 1992، فضلا عن دراسة في علم الاجتماع عنوانها (التجزيئية في المجتمع العربي) عام 1974.
نشرت ديوانها الأول عاشقة الليل في عام 1947.
الحزن في قصائدها
كانت تسود قصائدها مسحة من الحزن العميق فكيفما اتجهنا في ديوان عاشقة الليل لا نقع إلا على مأتم، ولا نسمع إلا أنيناً وبكاءً، وأحياناً تفجّعاً وعويلاً، وهذا القول قاله الكاتب والأديب اللبناني مارون عبود.
نشرت ديوانها الثاني شظايا ورماد في عام 1949، وثارت حوله ضجة عارمة حسب قولها في قضايا الشعر المعاصر.

المنافسة مع بدر شاكر السياب حول أسبقية كتابة الشعر الحر
لطالما اعتبرت نازك نفسها أول من نظم قصيدة حرة، الأمر الذي وضعها في منافسة وجدال مع بدر شاكر السياب الذي قال بأنه مؤسس الشعر الحر من خلال قصيدته «هل كان حباً» من ديوانه «أزهار ذابلة» والتي كتبها عام 1946.
بينما استمر هذا الجدل حول ريادة الشعر الحر لأعوام، ظهر عدد من الشعراء الذين تبنوا أيضا هذا النوع من الشعر، ومن أبرزهم الشاعر العراقي عبد الوهاب البياتي. حسم النقاد هذا الجدل بجعلهم من السياب ونازك الملائكة والبياتي روادا للشعر الحر ومن أبرز مؤسسيه.
الجوائز التي حازت عليها نازك الملائكة
نازك استحقت جائزة الريادة في الكتابة والتنظير والشجاعة في فتح مغاليق النص الشعري.
كما أقامت دار الاوبرا المصرية يوم 26 مايو ايار 1999 احتفالا لتكريمها بمناسبة مرور نصف قرن على انطلاقة الشعر الحر في الوطن العربي.
وشارك في الاحتفال الذي لم تشهده نازك الملائكة لمرضها شعراء ونقاد مصريون وعرب بارزون اضافة الى زوجها الدكتور عبد الهادي محبوبة الذي أنجبت منه ابنها الوحيد البراق.
الدواوين الشعرية
- عاشقة الليل 1947، نشر في بغداد، وهو أول أعمالها التي تم نشرها
- شظايا الرماد 1949
- قرارة الموجة 1957
- شجرة القمر 1968
- ويغير ألوانه البحر 1970
- مأساة الحياة وأغنية للإنسان 1977
- الصلاة والثورة 1978
المؤلفات
- قضايا الشعر الحديث عام 1962م
- التجزيئية في المجتمع العربي وهو عبارة عن دراسة في علم الاجتماع عام 1974م
- سايكولوجيا الشعر عام 1992م
- الصومعة والشرفة الحمراء
- الشمس التي وراء القمة، وهي مجموعة قصصيّة عام 1997م
نازك الملائكة
وفاة نازك الملائكة
توفيت الشاعرة العراقية نازك الملائكة (85 عاما) في القاهرة، يوم ٢٠ يونيو ٢٠٠٧، بعد معاناة طويلة مع المرض.
وقالت الشاعرة ريم قيس كبه، وهي من أسرة الملائكة، إن نازك عانت من أمراض الشيخوخة في الأيام الأخيرة و تدهورت صحتها فجأة ثم فارقت الحياة.
قصائد الملائكة
قصيدة الكوليرا
سَكَّنَ اللَّيْلُ
أَصْغِ إِلَى وَقْعِ صَدَى الأنَّاتْ
فِي عُمْقِ الظُّلْمَةِ تَحْتَ الصَّمْتِ عَلَى الأمواتْ
صَرْخَاتٌ تَعْلُو تَضْطَرِبُ
حُزْنٌ يَتَدَفَّقُ يَلْتَهِبُ
يَتَعَثَّرُ فِيهِ صَدَى الآهاتْ
*-*-*
فِي كُلِّ فُؤَادٍ غَلَيَانُ
فِي الْكُوخِ السَّاكِنِ أحْزَانُ
فِي كُلِّ مَكَانٍ رَوْحٌ تَصْرُخُ فِي الظُلُماتْ
فِي كُلِّ مَكَانٍ يَبْكِي صَوِّتْ
هَذَا مَا قَدْ مَزَّقَهُ الموتْ
الْمَوْتُ الْمَوْتُ الموتْ
يَا حُزْنَ النَّيْلِ الصَّارِخِ مِمَّا فِعْلَ الموتْ
*-*-*
طَلَّعَ الْفَجْرُ
أَصْغِ إِلَى وَقْعِ خُطَى الماشينْ
فِي صَمْتِ الْفَجْرِ أَصِخِ اُنْظُرْ رَكْبَ الْبَاكِينَ
عُشُرَةُ أَمَوَاتٍ عَشَّرُونَا
لَا تُحْصِ أَصِخْ للباكينا
اِسْمَعْ صَوْتَ الطِّفْلِ الْمِسْكِينِ
مَوْتَى مَوْتَى ضَاعَ الْعَدَدُ
مَوْتَى مَوْتَى لَمْ يَبْقَ غَدُ
فِي كُلِّ مَكَانٍ جَسَدٌ يَنْدُبُهُ محزونْ
لَا لَحْظَةَ إِخْلَاَدٍ لَا صَمْتْ
هَذَا مَا فَعَلَتْ كَفُّ الموتْ
الْمَوْتُ الْمَوْتُ الموتْ
*-*-*
تَشْكُو الْبَشَرِيَّةُ تَشْكُو مَا يَرْتَكِبُ الموتْ
الْكُولِيرَا
فِي كَهْفِ الرُّعْبِ مَعَ الأشلاءْ
فِي صَمْتِ الْأبَدِ القاسي حَيْثُ الْمَوْتُ دواءْ
اِسْتَيْقَظَ دَاءُ الْكُولِيرَا
حِقْدًا يَتَدَفَّقُ مَوْتُورَا
هَبَطَ الوادي الْمَرِحَ الوُضّاءْ
يَصْرُخُ مُضْطَرِبًا مَجْنُونًا
لَا يَسْمَعُ صَوْتَ الباكينا
فِي كُلِّ مَكَانٍ خَلْفَ مِخْلَبُهُ أصداءْ
فِي كُوخِ الْفِلَاَحَةِ فِي البيتْ
لَا شِيءَ سِوَى صرَخات الموتْ
الْمَوْتُ الْمَوْتُ الموتْ
*-*-*
فِي شَخْصِ الْكُولِيرَا القاسي يَنْتَقِمُ الموتْ
الصَّمْتُ مريرْ
لَا شِيءَ سِوَى رَجْعِ التكبيرْ
حَتَّى حَفَّارُ الْقَبْرِ ثَوَى لَمْ يَبْقَ نَصِيرْ
الْجَامِعُ مَاتَ مُؤَذِّنُهُ
الْمَيْتُ مِنْ سيؤبّنُهُ
لَمْ يَبْقَ سِوَى نَوْحٍ وزفيرْ
الطِّفْلُ بِلَا أَمْ وَأَبِ
يَبْكِي مِنْ قَلْبٍ مُلْتَهِبِ
وَغَدًا لَا شَكٌّ سَيَلْقَفُهُ الدَّاءُ الشرّيرْ
يَا شَبَحَ الْهَيْضَةِ مَا أَبَقِيَتْ
لَا شِيءَ سِوَى أحْزَانِ الموتْ
الْمَوْتُ، الْمَوْتُ، الموتْ
يَا مُصِرُّ شُعُورِيُّ مَزَّقَهُ مَا فِعْلَ الموتْ
مرثية إمرأة
صور من زقاق بغدادي
ذهبتْ ولم يَشحَبْ لها خدٌّ ولم ترجُفْ شفاهُ
لم تَسْمع الأبوابُ قصةَ موتها تُرْوَى وتُرْوَى
لم تَرتَفِعْ أستار نافذةٍ تسيلُ أسًى وشجوَا
لتتابعَ التابوت بالتحديقِ حتى لا تراهُ
إلا بقيّةَ هيكلٍ في الدربِ تُرْعِشُه الذِّكَرْ
نبأ تعثـّر في الدروب فلم يجدْ مأوًى صداهُ
فأوَى إلى النسيانِ في بعضِ الحُفَرْ
يرثي كآبَته القَمَرْ.
**
والليلُ أسلم نفسَهُ دون اهتمامٍ, للصَباحْ
وأتى الضياءُ بصوتِ بائعةِ الحليبِ وبالصيامْ,
بمُوَاءِ قطٍّ جائعٍ لم تَبْقَ منه سوى عظامْ,
بمُشاجراتِ البائعين, وبالمرارةِ والكفاحْ,
بتراشُقِ الصبيان بالأحجار في عُرْضِ الطريقْ,
بمساربِ الماء الملوّثِ في الأزقّةِ, بالرياحْ,
تلهو بأبوابِ السطوح بلا رفيقْ
في شبهِ نسيانٍ عميقْ
اقتباس
عبثا أطرد عن نفسي همومي عبثا أرجو شعاعا من رجاء
غرقت أحلام قلبي في الغيوم وتلاشت مثل أحلام الضياء
فيلم توضيحي يحكي عن نازك الملائكة
البحث والمصادر : مهند هاشم
التحرير النصي: سمير الحوري
التدقيق اللغوي: قصي السالم
التصميم: مهند هاشم
تعليق واحد