رحلة فاسكو دي جاما إلى جزر الهند الشرقية
رحلة فاسكو دي جاما : حتى أوائل القرن الخامس عشر لم يكن يعرف إلا القليل عن جرافيا كوكبنا ، فأستراليا وأمريكا لم يكن قد تم اكتشافهما بعد .
كما أن المعلومات الخاصة بكل من آسيا وأفريقيا كانت شحيحة جداً ، ولم يكن يدور بخلد أحد أنه إذا ما أبحرت سفينة بمحاذاة الساحل الغربي لأفريقيا وفي اتجاه الجنوب فإن هذه السفينة قد تجد منفذاً الى المحيط الهندي .
وعلى الرغم من أن بعض الجغرافيين في ذلك الوقت كانوا قد حدسوا احتمال وقوع ذلك .
ولا شك أن مثل هذه الرحلة قد تستحق القيام بها ..
شاهد هذه المقالة : ما ذكر عن طاعون عمواس في البداية والنهاية
أهمية جزر الهند الشرقية
وكان سكان جزر الهند الشرقية والذين كان يطلق عليهم بطريقة فضفاضة لقب الهنود يملكون ثروات خرافية ، وعلى الأخص فيما يتعلق بالتوابل .
والواقع أنه من العسير علينا في الوقت الحاضر أن نتصور مدة احتياج الأوروبيين في تلك الأزمنة لتلك الأصناف من التوابل مثل :
- الكافور
- الفلفل
- القرفة
- الزنجبيل
- جوزة الطيب
فنحن في الوقت الحاضر إما نأخذ مثل هذه الأمور على محمل الاستخفاف وإما أنه بإمكاننا الاستغناء عنها ، وهو ما يرجع الى وسائل تغذية المواشي في الشتاء أو حفظ الأطعمة في الثلاجات .
ولكن بالنسبة للناس في تلك الأزمنة السالفة ، فن التوابل كانت تمثل الفارق بين طعام مملح وآخر يثير الشهية .
وفي ذلك الوقت كانت منتجات الشرق باهظة الثمن في أوروبا ، حيث أنها كانت تصل بعد مطاف طويل ، يتم أغلبه بالطرق البرية .
ولذلك فإن الدولة الأوروبية التي قد تتمكن قبل غيرها من الوصول الى جزر الهند الشرقية عن طريق البحر ، وبالتالي من احتكار تجارة التوابل ، هذه الدولة لا بد أن تكون محظوظة حقاً .
وكانت دول جنوب أوروبا أول من بدأ بهذه المحاولات .
الرحالة الأوائل في افريقيا
كان رجال مدينة جنوة هم ول من قاموا بمحاولات استكشاف الطريق حول افريقيا لكن هؤلاء كانت رحلاتهم بحرية دونما عودة .
وفي عام 1455 قام بحاران من جنوة والبندقية بتلك المحاولة مرة أخرى ، ولكنهما لم يصلا الى أبعد من جزر رأس فيرد عند الشاطئ الغربي من افريقيا .
ومن هذا المكان عاد البحاران على اعقابهما .
أما أول من تمكن من النجاح في الوصول الى الأطراف الجنوبية لأفريقيا ، وبالتالي من الدخول فعلاً الى المحيط الهندي ، فقد كان برتغالياً يدعى بارثولوميو دياز ، الذي أكمل رحلته الجريئة في عام 1488 .
وقد واجه عند الطرف الجنوبي لأفريقيا عواصف غاية في العنف ، لدرجة أنه أسماه رأس العواصف .
ولكن ملك البرتغال ، اعتقاداً منه بأن هذا الكشف كان بمثابة فتح الباب المؤدي الى ثروات خيالية ، غيّر هذه التسمية الى ( راس الرجاء الصالح ) ثم قرر ملك البرتغال إرسال بعثة أخرى مجهّزة كي تتمكن من الوصول الى جزر الهند الشرقية .
وقد أعطى شرف قيادة هذه البعثة لملاح برتغالي في الثامنة والعشرين من عمره يدعى فاسكو دي جاما .
رحلة فاسكو دي جاما
8 يوليو 1497 : أقلعت السفن من ميناء لشبونة. وكان بارثلوميو دياز أحد الموجودين على ظهر تلك السفن . وكان ملك البرتغال قد أمره بالتوجه الى مينا وهو مكان في غينيا لمباشرة الأعمال الاقتصادية الهامة في المستعمرة البرتغالية هناك .
14 يوليو : بعد الالتفاف حول جزر الماديرا ، شاهدت السفن رأس ناو وشقت طريقها عبر رأس بوجادور .
ومما يذكر أنه حتى عام 1434 ، عندما تمكن الملاح جيل أيانز من تجاوز هذه النقطة ، كان يطلق عليها ( نهاية أفريقيا ) ، وكان هناك اعتقاد سائد ، بأن السفن إذا ما تجاوزت هذا المكان فإن الشياطين تحطمها والعواصف المخيفة تواجهها .
وكان ثمة مثل يتناقله الملاحون البرتغاليون ، يعكس مدى الخوف الذي كانوا يحسون به تجاه هذه المنطقة من الساحل الأفريقي ، وهذا المثل هو ( سلام على من يلمس رأس ناو ، فإنه لن يعود أبداً ) .
25 يوليو : ألقت السفن مراسيها في خليج بإحدى جزر مجموعة رأس فيرد .
وهناك ترك بارثلوميو دياز البعثة ليستأنف رحلته الى شاطئ غينيا .
وبعد أسابيع قليلة اصدر فاسكو دي جاما تعليماته باستئناف الرحلة صوب الجنوب .
منتصف أكتوبر : بعد أسابيع من الإبحار في المحيط والتي كادت العواصف العنيفة أن تحطم خلالها السفينة سان غابرييل ، عبرت السفن خط الاستواء . وبذلك أصبحت السفن موجودة في نصف الكرة الجنوبي .
وفي تلك المنطقة التي كان يقول عنها الحكماء في ذلك الوقت ( إن السفن بها لا بد أن تبتلعها الأغوار اللانهائية ) .
أوائل نوفمبر : اليابسة ، اليابسة ، هكذا صرخ البحارة المكلفون بالمراقبة .
وبع ما يزيد عن أربعة آلاف ميل عبر المحيط أوجد هذا الصراخ فرحاً هستيرياً ، وأصدر فاسكو دي جاما أوامره بالرسو في خليج أسماه ( سان هيلينا ) .
وبعد أيام قليلة واصلت البعثة إبحارها .
أحداث الرحلة
22 نوفمبر : تم بلوغ اقصى نقطة في جنوب افريقيا وشاهد المراقبون راس الرجاء الصالح .
وطبقاً لأسطورة قديمة كانت الصخرة الكبيرة في هذا الخليج يقطنها العملاق آداماستور شيطان العواصف .
وكان يقال أنه إذا ما جازف أحد بالاقتراب من مقره ، فإن أداماستور يقوم بإثارة عواصف رهيبة .
ولكن من يصدق مثل هذه الأساطير بعد رحلة بارثلوميو دياز ؟
ودونما خوف أصدر فاسكو دي جاما أوامره بالإبحار حول الراس المهول .
وأخيراً ، أصبح المحيط الهندي أمام أنظارهم .
عيد الميلاد 1497 : بعد الإبحار على الشاطئ الشرقي لأفريقيا ، ألقت السفن مراسيها في إحدى الخلجان .
ولما كان ذلك قد جاء معاصراً لأعياد الميلاد ، فقد أطلق فاسكو دي جاما على هذا الخليج اسم ( بورت ناتال ) وهو ما يعني ميناء الميلاد .
7 يناير 1498 : ما زالت السفن تبحر على طول الشاطئ .
وقد شاهد البحارة نهراً تعج مياهه بسفن السكان واكتشف فاسكو دي جاما أن هؤلاء الناس هم من البانتو المنتمين لمملكة مونو ماتوبا القوية . وكان ملك هذه المملكة يدعى مونو موج .
ونظراً للحفاوة التي قوبل بها الرحالة من جانب هؤلاء الناس ، أطلق فاسكو دي جاما اسم ( بلاد الأناس الطيبين ) .
منتصف فبراير : وصلت السفن الى مصب نهر زامبيزي ، وألقت مراسيها .
وقد وجد فاسكو دي جاما أن العرب كانوا قد وصلوا الى هذه المنطقة بهدف التجارة .
وكان الوطنيون قد سمعوا عن سكان الهند الشرقية . وقد سرّ فاسكو دي جاما لهذه المعلومات ، ولذلك اطلق على النهر ( نهر الفأل الحسن ) .
هدف الرحلة
14 أبريل : بعد إقامة قصيرة في موزمبيق ، وصلت السفن الى مومباسا .
والسبب الذي ظل من أجله فاسكو دي جاما بحذاء الشاطئ الشرقي لأفريقيا بدلاً من الإبحار شرقاً في اتجاه جزر الهند الشرقية ، هو أنه كان يحاول تحديد الإطار الخارجي لأفريقيا على خريطة .
وذلك بالإضافة الى مهمته الرئيسية المتعلقة باكتشاف الطريق الى جزر الهند الشرقية .
والملاحظات التي دونها فاسكو دي جاما هي في حوزتنا ، ومن واقعها يمكن رسم خريطة لأفريقيا ، قد تكون دقيقة الى درجة ملحوظة .
23 مايو : كانت السفن قد أقلعت يوم 24 ابريل من يمناء ميلاند بشرق افريقيا ، وفي فجر يوم 23 مايو رست السفن في كلكوتا على ساحل مالبار .
وبذلك أمكن تحقيق الهدف الكبير بعد إبحار لمدة عشرة اشهر وتم اكتشاف الطريق البحري الى جزر الهند الشرقية .
معلومات عن رحلة فاسكو دي جاما
اشتركت في البعثة أربعة سفن تولى فاسكو دي جاما قيادة السفينة سان جابريل وكان أخوه باولو دي جاما قبطاناً على السفينة سان رافايل .
أما السفينتان الأخرييان فقد حملتا تمويل البعثة .
وقد موّلت البعثة بنقود قدمتها شركة سيرجي المصرفية في فلورنتين ، وهي التي كان قد سبق لملك البرتغال أن حصل على قروض منها .
كانت الهند في ذلك الوقت مقسمة الى عدد من الولايات الصغيرة ، وكانت مالبار إحداها .
وكان إمبراطور ملبار يسمى سامودرين ملك البحر ، وميناء كلكوتا إحدى مراكز تجارة الشرق .
وكان التجار العرب والجزائرين والتونسيون واليهود يذهبون الى هناك لتحميل سفنهم بمنتجات الشرق ، ثم يأخذونها الى منطقة البحر الأبيض المتوسط عن طريق مصر .
وحصل فاسكو دي جاما على موافقة سامودرين على الاتجار في الهند ، بيد أن التجار العرب كانوا متخوفين من أن يستولي القادمون الجدد على التجارة منهم ، فقاموا بإثارة الأهالي وأجبروا البرتغاليين على الرحيل .
وبدا فاسكو دي جاما رحلة العودة في 5 أكتوبر 1498 .
وفي سبتمبر 1499 وصل الى لشبونة حيث استقبل استقبال الأبطال .
وأنعم عليه الملك بلقب ( كونت ) وأدميرال الأسطول .
وعلى قبر فاسكو دي جاما توجد الكلمات التالية :
( هنا يرقد الملاح العظيم دون فاسكو دي جاما ، كونت فيديجويرا ، والأدميرال والمكتشف الشهير لجزر الهند الشرقية )
المصدر
جميع حقوق الملكية الفكرية والنشر محفوظة لموقع غدق www.ghadk.com
“يمنع منعاً باتاً نقل أو نسخ هذا المحتوى تحت طائلة المسائلة القانونية والفكرية”
يمكنكم دعم الموقع عن طريق الاشتراك في صفحة الفيس بوك Facebook وحساب الانستغرام Instagram وحساب تويتر Twitter
للتواصل والاستفسار والدعم التواصل على البريد التالي : ghadak.site@gmail.com