المسجد الأقصى سرد تاريخي

المسجد الأقصى هو أحد أكبر المساجد في العالم، وهو أحد المساجد الثلاثة التي يشد المسلمون الرحال إليها، وهو أيضًا أول القبلتين في الإسلام.

يقع المسجد داخل البلدة القديمة في القدس عاصمة فلسطين، وهو في كامل المنطقة المحاطة بالسور.

وهو الإسم لكل ما هو داخل السور الواقع في أقصى الزاوية الجنوبية الشرقية من البلدة القديمة المسورة.

مساحة المسجد الأقصى

تبلغ مساحة المسجد قرابة 144000 متر مربع، وتشمل قبة الصخرة والمسجد القبلي والمصلى المرواني وعدة معالم أخرى يصل عددها إلى 200 معلم.

يقع المسجد الأقصى فوق هضبة صغيرة تُسمى ” هضبة موريا “، وتعد الصخرة أعلى نقطة فيه، وتقع في قلب المسجد.

المسجد الأقصى في القرآن

ورد ذكر المسجد الأقصى في سورة الإسراء :

[ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ] آية 1 سورة الإسراء.

وذكر القرطبي وغيره في تفسير قول الله تعالى:

[ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدىً لِلْعَالَمِينَ ] آية 96 سورة آل عمران.

فقال: إن أول بيت وضع في الأرض للعبادة هو بيت الله الحرام بمكة المكرمة وبعده المسجد الأقصى بأربعين عاماً.

ثم قال: ثبت في صحيح مسلم وغيره عن أبي ذر رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أول مسجد وضع في الأرض؟

قال: المسجد الحرام.

قلت: ثم أي؟

قال: المسجد الأقصى.

قلت: كم كان بينهما؟

قال: أربعون عاماً، ثم الأرض لك مسجد، فحيث أدركتك الصلاة فصل.

بناء المسجد الأقصى

ورد أن النبي سليمان عليه السلام هو من بنى المسجد الأقصى، وأن النبي إبراهيم عليه السلام هو الذي بنى المسجد الحرام.

وورد أيضاً أنه لا يمكن أن يكون بينهما أربعون عاماً، لأن سليمان وإبراهيم عليهما السلام بينهما آماد طويلة.

ثم وفق بين الروايتين بأن إبراهيم وسليمان عليهما السلام ليسا أول من بنى المسجدين، وإنما جددا بناءهما، وبنيا على قواعد وأساس من سبقهما.

وقيل أن من بناه هو آدم عليه السلام، وقيل: الملائكة.

ثم قال علي كرم الله وجهه: أمر الله الملائكة ببناء بيت في الأرض، وأن يطوفوا به، وكان هذا قبل خلق آدم عليه السلام، ثم إن آدم بنى منه ما بنى، وطاف به، ثم الأنبياء بعده.

ثم توالى بناء المسجد الأقصى بين الخلفاء الأمويون.

وفي عام 641 من الميلاد الموافق عام 20 للهجرة، ترك عمرو بن العاص فلسطين وانتقل نحو مصر ففتحها، وهكذا بدأ الإسلام ينتشر.

وظلت أحوال المسلمين في إزدهار، وبلاد الشام في عمران وعلم وثقافة وبناء الحضارة وبناء للمباني والفنون والأدب والعلم والترجمات.

فصارت الشام وفلسطين مركز من مراكز العلم في العالم.

وظل الأمر على هذا الحال حتى جاء عام 661 من الميلاد، فكانت بداية الأمويين في حكم معاوية رضي الله عنه.

وإستمرت المسألة في إزدياد وخير ولا يوجد مشاكل وفتن، والناس من خير إلى خير، ثم جاءت فترات عظيمة على المسلمين كفترة عمر بن عبد العزيز.

المسجد الاقصى في العهد الأموي

ومن الأحداث التي حدثت في زمن الأمويين عام 685 من الميلاد، حين بدأ عبد الملك بن مروان بناء المسجد الأقصى وقبة الصخرة.

ورصد لهذا البناء خراج مصر لسبع سنين، فكان كل ما يأتي من مصر من أموال إلى أرض الخلافة، يذهب لبناء هذا المسجد الأقصى. وتوفي عبد الملك بن مروان قبل إكتمال البناء.

هناك بعض الناس يخطئ بأن الذي بنى المسجد الأقصى هو الوليد، وهذا خطأ. فالذي بناه هو عبد الملك والده لكنه مات أثناء البناء، وأكمل البناء الخليفة الذي بعده ابنه الوليد بن عبد الملك.

واستمر المسلمون في نهضة وحضارة، وفي عام 716 ميلادي أسس سليمان بن عبد الملك مدينة الرملة وبناها بالكامل.

فأنظروا ماذا فعل المسلمون عندما إستقرت بهم الأمور، فلما تولى عمر بن عبد العزيز بعد سليمان، الخليفة الراشد الخامس الحكم، فانتشر العدل والخير.

وأمر جميع الولاة أن يجتمعوا معه عند المسجد الأقصى، فصلوا جميعاً هناك وأقسموا اليمين بالطاعة للخليفة وأقسموا بيمين العدل بين الناس.

فصار المسجد الأقصى معظّماً إشتهر بين الناس، وكل قادة المسلمين يجتمعون فيه ويقسموا بالعدل.

وعندما أصاب المسجد الأقصى زلزال في عام 747 من الميلاد، بدأ المسلمون يرممونه ولكن بشكل بسيط، وبعد ثلاث سنوات بعد الزلزال أي في عام 750 من الميلاد ،كانت نهاية الأمويين وبداية الحكم العباسي.

المسجد الاقصى في العهد العباسي

سيطر العباسيون في عام 750 من الميلاد الموافق عام 132 للهجرة على الحكم.

ثم تولى الخلافة الخليفة العباسي الثاني أبو جعفر المنصور عام 754 من الميلاد، وبعد أربع سنوات من خلافته، أمر بترميم المسجد الأقصى بالكامل.

حدث زلزال دمر معظم المسجد الأقصى، فقام الخليفة المهدي ببناء كامل للمسجد، وأمر بتوسعة كبيرة للمسجد الأقصى.

وفي عام 786م قام هارون الرشيد بإصدار قرار بالسماح لإمبراطور بيزنطة الروماني شارلمان بترميم كنائس القدس.

أرسل شارلمان البنائين والأموال لترميم كنائسهم، وأصدر قراراً أيضاً بأن أي مسيحي يريد زيارة الأماكن المقدسة المسيحية في القدس، فإن جنود المسلمين سيحمونه منذ دخوله لزيارة الكنائس.

استمرت هذه النهضات وتعظيم المسجد الأقصى والقدس، وتعرض مرة أخرى لزلزال، فقام الخليفة المأمون عبد الله بن هارون الرشيد في عام 216 للهجرة بترميمه مرة أخرى.

فترة الحملة الصليبية

سيطر الصليبيون على القدس في عام 1099م أثناء الحملة الصليبية الأولى.

وبدلا من تدمير المسجد أطلقوا عليه اسم معبد سليمان، وقد استخدمه الصليبيون أولًا كقصر ملكي وإسطبل للخيول.

وفي عام 1119م تم تحويله إلى مقر لفرسان الهيكل، وخلال هذه الفترة، خضع المسجد إلى بعض التغييرات الهيكلية، بما في ذلك توسيع الشرفة الشمالية.

تم بناء دير جديد وكنيسة أيضا في الموقع، جنباً إلى جنب مع غيرها من الهياكل المختلفة وقد شيد فرسان المعبد أقباء ومرفقاتها في الجهة الغربية والشرقية للمبنى.

بعد حصار المسلمين للصليبين في عام 1187م استطاع الفاتح صلاح الدين الأيوبي باستعادة القدس من يد الصليبيين.

وأجريت العديد من الإصلاحات والتجديدات في المسجد الأقصى من أجل إعداد المسجد لأداء صلاة الجمعة.

وفي غضون أسبوع من استعادة صلاح الدين للقدس تم إزالة المراحيض ومخازن الحبوب المثبتة من قبل الصليبيين في الأقصى.

وقد قام صلاح الدين بإضافة منبر نور الدين زنكي إلى المسجد في عام 1187م.

في عام 1218م تم تشييد الرواق الشمالي للمسجد مع ثلاث بوابات في عهد المعظم السلطان الأيوبي لدمشق.

وفي عام 1345م تم إضافة اثنين من البلاطات وبوابتين على الجانب الشرقي للمسجد، بأمر من السلطان المملوكي الكامل سيف الدين شعبان بن قلاوون.

العهد العثماني والمسجد الأقصى

عند وصول العثمانيين إلى السلطة في 1517م، لم يقوموا بأي تجديدات أو إصلاحات للمسجد نفسه، ولكن قاموا ببعض الإضافات للحرم الشريف ككل.

وشمل ذلك بناء نافورة قاسم باشا عام 1527م ،وتم ترميم بركة رارانج، وبناء ثلاث قباب قائمة بذاتها، وأبرزها قبة النبي التي بنيت في عام 1538.

وقد اهتم الولاة العثمانيين في القدس بالمسجد كثيراً وجعلوه في مقدمة أولياتهم.

المسجد في العصر الحديث

في عام 1922م تم التجديد الأول للمسجد الأقصى عندما كلف المجلس الإسلامي الأعلى أمين الحسيني مفتي القدس بالتجديد.

وقام المهندس المعماري التركي أحمد كيماليتين بالإشراف على التجديد في المسجد الأقصى والمعالم الآثرية في ساحاته.

كما أن المجلس الإسلامي قام بتكليف مهندسين معماريين بريطانيين وخبراء مصريين ومسؤولين محليين بالمساهمة والإشراف على الإصلاحات.

تعرض المسجد الأقصى لأضرار شديدة بسبب وقوع زلازل مابين 1927م و1937م، وقد تم إصلاح الأضرار التي لحقت بالمسجد في عام 1938م و 1942م.

حريق المسجد الأقصى

تعرض المسجد في 22 أغسطس 1969م لحريق على يد يهودي أسترالي متطرف اسمه مايكل دينس روهن.

حيث تم حرق الجامع القبلي الذي سقط سقف قسمه الشرقي بالكامل، كما احترق منبر صلاح الدين، الذي أمر ببنائه قبل تحرير المسجد الأقصى من الصليبيين.

وقد قال روهن تعقيباً على الحريق الذي افتعله أنه كان يأمل من إحراق المسجد الأقصى أن يعجل المجيء الثاني للمسيح، مما يجعل الطريق لاعادة بناء الهيكل اليهودي المزعوم على جبل الهيكل.

ويعتبر حريق الأقصى أحد العوامل المحفزة لتشكيل منظمة المؤتمر الإسلامي ومنظمة التعاون الإسلامي.

وفي عام 1972م تم ترميم المسجد الأقصى والمنبر معه، وتتولى الأردن ترميم وإصلاح المسجدين على نفقتها الخاصة كلما دعا الأمر لذلك.

معالم المسجد

يتكون المسجد الأقصى من سبع مصليات أو مساجد معمدة مع عدة قاعات صغيرة إضافية من الجهة الغربية والشرقية من الجزء الجنوبي من المسجد.

وقد كان يوجد 121 نافذة من الزجاج الملون في المسجد من عصور الخلافة العباسية والفاطمية، تم استعادة حوالي ربعهم في عام 1924م.

جميع حقوق الملكية الفكرية والنشر محفوظة لموقع غدق www.ghadk.com

يمنع منعاً باتاً نقل أو نسخ هذا المحتوى تحت طائلة المسائلة القانونية والفكرية

يمكنكم دعم الموقع عن طريق الاشتراك في صفحة الفيس بوك Facebook وحساب الانستغرام  Instagram وحساب تويتر Twitter

للتواصل والاستفسار والدعم التواصل على البريد التالي : ghadak.site@gmail.com

المقال مستمر في التحديث والتطوير ..