نوبة الهلع Panic Attackوالتحكم بها
كيف تعرف نوبة الهلع Panic Attack إذا أصبت بها ؟
عندما يضيق الجسد بصاحبه ليغدو عدواً لنفسه ، ويشعر بالتأرجح وانعدام الجاذبية كأنه يحلق إلى ارتفاع مرعب ، وتتلاشى الخطوط العريضة للأشخاص والأشياء .
حاول العديد من الشعراء والكتاب إيجاد الكلمات التي تصف نوبات الهلع التي يعاني فيها المصاب من أعراض وأحاسيس شديدة .
لدرجة أن البعض يخلط بينها وبين النوبة القلبية أو السكتة الدماغية أو غيرها من الأمراض المهددة للحياة .
وعلى الرغم من أن هذه النوبة لا تسبب ضرراً جسدياً على المدى البعيد ، إلا أن الخوف والحذر من حدوث نوبة هلع أخرى قد يقيد الشخص عن القيام بنشاطاته اليومية ، وبالتالي حدوث المزيد من نوبات الهلع .
تشير الدراسات إلى أن ثلث البشر تقريباً سيصابون بنوبة هلع واحدة على الأقل في حياتهم .
وسواء كانت المرة الأولى أو المئة ، أو التي تشهد فيها شخصاً آخر يعاني منها ، فلا أحد يرغب بتكرار هذه التجربة الصعبة .
حتى القراءة عن هذا الموضوع قد تكون مزعجة وغير مريحة ، إلا أنها ضرورية ، لأن الخطوة الأولى لمنع حدوث نوبات الهلع هي فهمها .
تعد نوبات الهلع أساساً رد فعل مبالغ به ، بالمقارنة مع استجابة الجسم الفيزيولوجية والطبيعية للخطر .
كيف تعمل نوبة الهلع
تبدأ هذه الاستجابة من الغدة اللوزية الدماغية ، وهي المنطقة من الدماغ المسؤولة عن التعامل مع الخوف .
عندما تدرك اللوزة وجود خطر ما ، فإنها تفعّل الجهاز العصبي الودي ، والذي بدوره يحرض إفراز الأدرينالين .
ويسبب الأدرينالين زيادة في معدل ضربات القلب والتنفس بهدف إيصال الدم والأوكسجين إلى عضلات الذراعين والساقين .
ويؤدي أيضاً إلى إيصال الأوكسجين إلى الدماغ فيصبح أكثر تيقظاً وأسرع استجابة للخطر .
لكن أثناء نوبة الهلع تصبح هذه الاستجابة مبالغاً بها ، وتزداد لتتجاوز الحد الذي تكون فيه مفيدة في حالات التعرض للخطر .
بحيث تؤدي لتسارع في ضربات القلب أو صعوبة في التنفس أو تسرع فيه وفرط تهوية ، وتسبب التغيرات في معدل جريان الدم دوخة وخدراً في اليدين والقدمين .
تبلغ نوبة الهلع Panic Attack ذروتها بعد 10 دقائق غالباً ، بعدها تتولى القشرة الدماغية السيطرة على الجسم بدلاً عن اللوزة .
وتحرض الجهاز العصبي نظير الودي ، والذي بدوره يحرض إفراز هرمون يدعى الأستيل كولين ، والذي يؤدي لتخفيض معدل ضربات القلب ويخمد نوبة الهلع شيئاً فشيئاً .
يؤدي إدراك الجسم لوجود خطر في نوبة هلع لتحريض استجابة لا تحدث إلا بوجود تهديد حقيقي للحياة ، لا بل أكثر من ذلك ، لا نعرف يقيناً لم يحدث ذلك .
ولكن بعض الأمور المحيطة بنا والتي تذكرنا بحادث صادم أو ذكرى مؤلمة عانينا منها في الماضي قد تحرض حدوث نوبة هلع .
قد تحدث نوبات الهلع في سياق بعض اضطرابات القلق الأخرى ، مثل اضطراب الكرب ما بعد الرضح ، واضطراب القلق الاجتماعي ، واضطراب الوسواس القهري ، واضطراب القلق المعمم .
أدوية وعلاج نوبة الهلع
في حال كنت تعاني من نوبات هلع متكررة ، أو تقلق كثيراً من حدوث نوبات جديدة ، أو لاحظت أنك تحاول تجنب حدوث نوبات هلع بتعديل سلوكياتك وتصرفاتك ، فإن كلاً مما سبق يعد مشخصاً للاضطراب الهلعي .
يوجد علاجان اثنان للاضطراب الهلعي ، وهما الأدوية المضادة للاكتئاب والمعالجة السلوكية المعرفية أو CBT .
كلا العلاجين يحملان نسبة نجاح تقدر بـ40% ، إلا أن البعض يستفيد من أحدهما ولا يستفيد من الآخر ، كما أن الأدوية المضادة للاكتئاب قد تسبب بعض الأعراض الجانبية .
وتعود نوبات الهلع للحدوث في 50% من الأشخاص إذا توقفوا عن استخدام هذه الأدوية ، في حين أن للمعالجة السلوكية المعرفية تأثير أكثر ديمومة ، واحتمال عودة نوبات الهلع 20% .
تهدف المعالجة السلوكية المعرفية في اضطراب الهلع لتعريف المصابين وتعليمهم استخدام بعض الطرق التي تساعدهم على التحكم جسدياً ، وبالتالي نفسياً ، بأحاسيسهم ومشاعرهم وأفكارهم التي تترافق مع نوبات الهلع .
فيبدأ العلاج السلوكي المعرفي بشرح الأسباب والآلية الفيزيولوجية لنوبة الهلع ، ويلي ذلك إجراء تمارين للتنفس والعضلات مخصصة لتساعد الأشخاص على التحكم بنمط تنفسهم بشكل إرادي .
يأتي بعد ذلك إعادة الهيكلة المعرفية ، والتي تتضمن تحديد وتغيير الأفكار التي كثيراً ما تدور في ذهن المصاب أثناء النوبة .
كأن يعتقد مثلاً أنه سيتوقف عن التنفس أو أنه يعاني من نوبة قلبية أو أنه يموت ، واستبدالها بأفكار أكثر دقة .
تتضمن المرحلة التالية من العلاج تعريض الشخص للأحاسيس والمواقف التي تحرض عادة حدوث نوبة هلع .
يهدف ذلك لتغيير المعتقدات من خلال التجربة ، كالاعتقاد بأن هذه الأحاسيس والمواقف خطرة .
ولا يعد تطبيق هذه الخطوات عند وقوع النوبة – بعد العلاج السلوكي المعرفي – أمراً سهلاً ، ولكن يمكن لهذه الطرق مع التدريب أن تمنع أو تخفف من آثار النوبات ، وبالتالي تقلل من تحكم الهلع بحياة الشخص .
تفهم نوبة الهلع
بعيداً عن بروتوكولات العلاج الرسمية ، يجد الكثير ممن يعاني من نوبات هلع الراحة في نفس الأفكار التي يهدف الـCBT لتعزيزها :
وهي أن الخوف لا يمكن أن يؤذيك ، ولكن التعلق به سيفاقم من حالة الهلع .
حتى لو لم تصب بنوبة هلع Panic Attack من قبل ، فإن فهمها سيساعدك على كشفها عندما تصاب أنت أو غيرك بها ، ذلك أن كشف نوبات الهلع هو الخطوة الأولى لمنع حدوثها .
المصدر
Lesson by Cindy J. Aaronson
جميع حقوق الملكية الفكرية والنشر محفوظة لموقع غدق www.ghadk.com
“يمنع منعاً باتاً نقل أو نسخ هذا المحتوى تحت طائلة المسائلة القانونية والفكرية”
يمكنكم دعم الموقع عن طريق الاشتراك في صفحة الفيس بوك Facebook وحساب الانستغرام Instagram وحساب تويتر Twitter
للتواصل والاستفسار والدعم التواصل على البريد التالي : ghadak.site@gmail.com