
المذنبات وبداية ظهورها وبنيتها وسرعتها
المذنبات أو كلمة مذنب هي تسمية عربية لنجم وراء ذيل، أما الإغريق فسموه الكوكب ذو الشعر، واعتقد الناس قديماً أن المذنبات تظهر حاملة معنى خاص بالنسبة لهم.
فهي نذير شؤم بحيث رأى الناس في ذيل المذنب سيفاً مسلولاً متقداً، فكلما ظهر مذنب في التاريخ وجد معه وصف دقيق لكل الشرور التي كان ينذر بها.
المذنبات روعتها وأسرارها

بداية ظهور المذنبات ورد في أحد كتب التاريخ عام ١٦٠٦، ظهرت علامة في الغرب لنجم كبير جداً ذو أشعة بلون الدم برز في المساء بعد غياب الشمس.
ومكث سبعة أيام نتج عنه حروب داخلية وغزو الأراضي الروسية، فكانوا يعتقدون أن نجم الدم ينذر دائماً بالقتال.
وكتب أحد المؤرخين عام ١٣٧٨ قبل المعركة التي دمرت سلطة التتر:
ظهر حادث دامت علامته عدة أيام في السماء، ففي الشرق وقبل الفجر، برز عدة مرات نجم ذو ذنب بشكل حربة واعتقدوا أنها علامة للغزو المشؤوم للأراضي الروسية.
وظهر كوكباً مماثلاً ظهر عام ١٨١١ ربط بينه وبين غزو نابليون لروسيا عام ١٨١٢.
وفي تاريخنا العربي ظهر مذنب في العام الهجري ٢٢٣ أيام الخليفة العباسي المعتصم، وحمل بعضهم على التشاؤم.
لكن أيمان المعتصم بربه ويقينه ونبذه للخرافات حقق نصراً للجيش المسلم رغم ظهور المذنب، وهذا ما أكد على دحض الخرافات التي تتعلق بالتنجيم وخرافة شؤم المذنب.
وفي العام نفسه ظهر كوكب على يسار القبلة، فبقي يُرى نحو أربعين ليلة، وله شبه الذنب وكان طويلاً جداً هال الناس ذلك وعظم عليهم.
وظهر المذنب نفسه عام ١٤٥٦م، وكان ظهوره تشاؤم لأوربا، إذ كان محمد الفاتح يتوغل فيها بعد فتحه القسطنطينية.
الدراسة العلمية للمذنبات
مذنبات غريبة بعضها ينتمي إلى مجموعتنا الشمسية لا يغادرها أبداً، وبعضها غريب يشرفنا بزيارات من أعماق الفضاء.
أول من درس المذنبات العالم ( تيخو براهي ) الذي مات عام ١٦٠١م.
تابع بعده ( كبلر ) وقال بعد دراسته إن المذنبات تأتي نحونا من الفضاء الكوني، وتخترق المجموعة الشمسية وتغادرها دون رجعة، وكانت دراسته خطأ.
أما الذي حقق نصراً علمياً صحيحاً فهو العالم الإنجليزي Halley الذي لاحظ الفترات الزمنية المتساوية لظهور المذنب في الأعوام ١٥٣١/ ١٦٠٧/ ١٦٨٢/ وشاهدها بنفسه.
فتابع حركته في السماء وقال أن هذا المذنب يظهر كل ٧٦ عام على شكل دوري، وقال هالي إذا كنت صائباً سيعود للظهور ١٧٥٨م.
ومات هالي عام ١٧٤٢ وتحقق ما تنبأ به هذا العالم بعد ١٦عاماً من وفاته، ولذلك أطلق اسمه على المذنب
وصار يعرف بمذنب( هالي ).
سرعة المذنبات
ليست سرعة المذنبات ثابتة عند الجميع، ففي عام ١٨٥٨ ظهر مذنب شديد اللمعان يبتعد عن الشمس 22.500 مليون كيلو متر.
وكان يسير سيراً بطيئاً إذا صار في أبعد نقطة عن الشمس، وإذا اقترب منها تصير سرعته من ٤٠٠ إلى ٥٠٠ كيلو متر في الثانية.
ويسرع بهذه السرعة ليحمي نفسه من السقوط على الشمس، لأن قوة السير النابذة بهذه السرعة تجاذب وتعاكس قوة جذب الشمس وتساويها فيبقى المذنب في مداره لا يقع على الشمس.
وحسب دراسات قام بها العلماء، فإن دورة هذا المذنب الذي ظهر ١٨٥٨ كانت 2000 سنة.
بنية المذنبات
المذنب كرة من الجليد لا شيء فيه سوى الثلج و الغازات المتجمدة وقطع من صخور النيازك، وللمذنب نواة من الصخور تحيط بها هالة.
وله ذيل من الغازات المتجمدة المتخلخلة، ويكون له أحياناً أكثر من ذيل وله نواة.
مثلاً: مذنب هالي عندما ظهر عام ١٩١٠ كان قطر نواته ٣٧٠٠٠٠ كيلو متر، أكبر من زحل بثلاث مرات
وتجاوز طول ذيله مئات الملايين من الكيلو مترات حتى وصل ٩٠٠ مليون كيلو متر.
سبب تشكل ذيل المذنب
يعود سبب تشكل ذيل المذنب هو أن جلمود الصخر حين يهوي في الفضاء بسرعة كبيرة، تخرج من مسامه وتجاويفه غازات كالآزوت والأكسجين وأكسيد الفحم.
فعندما يقترب المذنب من الشمس، يسخن الحجر ويتمدد الغاز، فيخرج من التجاويف ويشكل الذنب، لذلك كلما اقترب المذنب من الشمس طال ذيله.
وعندما يبتعد عن الشمس يتناثر ذيله الجميل في الفضاء ويعود جلمود صخر لا يرى في المرقب، وهذا كان رأي العلماء المتفق عليه.
أشهر المذنبات الدورية
فيما يلي سنقوم بذكر أشهر المذنبات وتاريخها وأوصافها:
مذنب هالي

مدة دورته من ٧٥ إلى ٧٦ عاماً تقريياً ظهر عام ١٩١٠م، وهذا المذنب تمت رؤيته ثلاثين مرة من قبل الإنسان، وأرسلت نحوه خمس مركبات فضائية.
أهمها Giotto التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية، فتم التقاط آلاف الصور الرائعة قبل تحطمها أثناء مرورها فوق ذيل المذنب الذي يبلغ طوله ملايين الأميال وذلك في ١٠ آذار ١٩٨٦.
مذنب بييلا

يتم دورته كل ٦ سنوات و٢٥١ يوماً تقريباً، شوهد أول مرة عام ١٨٢٦، ومداره يقطع مدار الأرض.
مذنب نيكا

دورته أصغر دورة بين المذنبات والتي تبلغ ثلاث سنوات وأربع أشهر، وهو يقترب من الشمس أكثر من عطارد، ويبتعد عنها إلى ما قبل مدار المشتري بقليل.
من أين تتولد وكيف تأتي هذه المذنبات
بالرغم من جميع الأبحاث والتقدم العلمي إلا أن كثير من أسرار الكون مازالت خافية، فرجح العلماء رأيان:
تأتي المذنبات من انفجار نجيمات تطاول مسار بعضها فأصبح مذنباً.
هيجانات بركانية على المشتري وزحل، تقذف هذه البراكين بهيجاناتها قذفاً بعيدة بحجارة ضخمة تصبح مذنبات سابحة في الفضاء حتى يحين أجلها.
فيلم وثائقي بعنوان ( مذنب القرن ) المصدر: YouTube / نشنوال جيوغرافيك
كاتب المقال: نسيبة علي
مقالات ذات صلة:
جميع حقوق الملكية الفكرية والنشر محفوظة لموقع غدق www.ghadk.com
يمنع منعاً باتاً نقل أو نسخ هذا المحتوى تحت طائلة المسائلة القانونية والفكرية
يمكنكم دعم الموقع عن طريق الاشتراك في صفحة الفيس بوك Facebook وحساب الانستغرام Instagram وحساب تويتر Twitter
للتواصل والاستفسار والدعم التواصل على البريد التالي : ghadak.site@gmail.com
تعليق واحد